العرض في الرئيسةفضاء حر

يكررون أخطاء بعضهم

يمنات

أنس القباطي

الحوثيون يكررون نفس الخطاء الذي وقع فيه تجمع الاصلاح في بداية تسعينات القرن الماضي..

حاول الاصلاح استبدال الاغنية بالنشيد، وشنت قياداته حرب شعواء على الفن والفنانين، بل تمادوا لتحوير كلمات بعض الأغاني والاناشيد الوطنية ووزعوها بشكل مكثف على كاسيتات مؤسلمة، في تصرف ارعن يجرمه القانون، كونه تحريف لكلمات الأغنية او النشيد الوطني مع الابقاء على اللحن، وفي هذا الجانب ظهر فهد القرني إلى الواجهة، بدعم اخواني منقطع النظير، وتنقل من مسرح إلى أخر في المعاهد العلمية التي كانت تنشط لصالح تجمع الاصلاح واستخدمت في التحريض على الحزب الاشتراكي وتكفير قادته وحتى منتسبيه.

ذابت اناشيد فهد القرني وغيره من منشدي الاخوان كفحص ملح في ماء، فيما بقيت الأغنية شامخة، ولم يضرها كل ذلك النباح الذي أستمر خمس سنوات.

اليوم الحوثيون يحاولون استبدال الأغنية بالزامل، ولأجل ذلك نشطوا في انتاج مئات ان لم يكن آلاف الزوامل، وضيقوا على الفن والفنانين، حتى أنهم أغلقوا اذاعات FM لأنها تغني كاذاعة “صوت اليمن”، وصادرت نقاط تابعة لهم أعواد وآلات موسيقية لفنانين، بل انهم كسروا بعضها وصادروا أخرى، ولم تعد الاذاعة والتلفزيون الرسمي تبث الأغاني.

وجد الاصلاح نفسه يواجه المجتمع ليجد شبابه أنفسهم بعيدين عن اهم الفاعلين في المجتمع وأبرزهم الفنانين والأدباء والكتاب، والذين نفروا باتجاه منافسي الاصلاح بعد ان وجدوا لديهم البيئة الخصبة لابداعهم.

بعد الانتكاسة التي تعرض لها الاصلاح في انتخابات ١٩٩٧ ظهرت قيادات شابة من الداخل تنتقد اداء الحزب في اوساط المجتمع، وبدأت بكسر القاعدة التي ارستها قيادات الحزب السلفية كالزنداني وصعتر والديلمي وغيرهم في اوساط عناصر الحزب ومناصربه حول تحريم الغناء وغير ذاك من جوانب الفن المختلفة.

وجد الاصلاح نفسه بعد ان اخرجته انتخابات ١٩٩٧ إلى المعارضة معزولا عن المجتمع، وصعب عليه التعاطي مع قواعد الحزب الاشتراكي الذي خرج مهزوما من حرب صيف ١٩٩٤، وظلت اغلب معاقل الاشتراكي غير متقلبة للاصلاح، فكان ذلك امن اهم عوامل مراجعة سياسة الحزب في هذا الجانب، خاصة بعد أن رأت قواعد الاشتراكي تتسرب باتجاه المؤتمر، لانها كانت ترى في الاصلاح خصمها الرئيسي لان قياداته هي من وقفت في الواجهة بخطاب متشدد يرى في الآخر المختلف خصما خارجا عن الدين يتوحب قتاله.

ونتيجة لذلك ظهرت قيادات شابة في تجمع الاصلاح لتقديم الحزب بصورة مختلفة عن تلك الصورة السلفية المتشددة التي تعادي المجتمع كتوكل كرمان وشوقي القاضي وتوهيب الدبعي وعمر دوكم وغيرهم، وسعت جاهدة لايجاد عوامل تقارب لبناء الثقة بينها كواجهة شابة لتجمع الاصلاح وبين شرائح المجتمع المختلفة كالفنانين والرسامين والصحفيين والأدباء وغيرهم لتقديم الاصلاح كحزب مدني.

ومثلما كان الاصلاح يعاني من فقر المبدعين داخل الحزب إلى ما قبل العام ١٩٩٩، يعيش الحو. ثيون اليوم نفس التجربة، فقد صارت صنعاء التي يسيطرون عليها طاردة للصحفيين والفنانين والادباء وغيرهم من المبدعين، ومن بقي منهم فيها فهم مجرد مقيمين لا يمارسون أي نشاط الا فيما ندر، وان حصلت انشطة في هذا الجانب فهي بعيدة عن السلطة، هذا ان سلمت من بطشها وتخريبها بالاقتحامات المسلحة.

اليوم لا يولي الحوثيين أي أهمية للمبدعين من فنانين وأدباء وغيرهم خاصة من شريحة الشباب، في حين ان الاصلاح وبالتحديد جناح توكل كرمان اكثر من يولي ذلك أهمية، فقد خصصت لهذا الجانب موازنة لدعم المبدعين من الشباب بطباعة اعمالهم وتاهليهم في الخارج واستيعابهم في قناة بلقيس ومؤسسة توكل كرمان والمشاريع المرتبطة بها.

مرحلة ما بعد الحرب سيتحول فيها الصراع الحربي إلى صراع سياسي، ولكل صراع ادواته، والفقير بأدوات الصراع القادم سيجد نفسه معزولا عن المجتمع، والمعزول عن المجتمع لا يمكنه التفاعل معه.

زر الذهاب إلى الأعلى